قرأت كثيرًا بالأساطير الإنسانية من كل العصور تقريبا. الأساطير بالنسبة لي بُعد آخر وعالم مثير وغريب ومختلف. هناك أنواع متعددة من الأساطير. هناك الأساطير الدينية التي تحاول التوفيق بين التناقض الذي يعيشه الإنسان بين فكرتي القدر المحتوم والإرادة الحرة وخير مثال على هذا أسطورة برميثوس الإغريقي و أيضا أسطورة جلجامش. هناك الأسطورة الاجتماعية التي تحث الإنسان على تبني أخلاق عالية كفعل الخير والشجاعة والوفاء مثل أسطورة بيوولف. كذلك توجد بعض الأساطير التي تروى للتسلية ولإثارة الاستعجاب في نفوس البشر مثل أسطورة بيجمالون وغالاتيا.
خلدت الأساطير أسماء العديد من الآلهة والأبطال. كان زيوس هو الأشهر على الاطلاق وهو كبير الآلهة و إله السماء والرعد و أبو البطل هرقل. فينوس و افروديت كانت أسماء ترمز لآله الجمال والحب . آرس كان إله الحرب وشقيقه هو هيفيستوس إله النار . ديونيسوس أو باكوس أو باخوس كان إله الخمر. أما غايا فكانت آلهة الأرض. بوسيدون كان إله البحر و هادس كان إله العالم السفلي وملك مملكة الموتى. كان أبوللو إله الشمس ورب الشعر وكمال الرجولة. آرتميس كانت ربة الصيد و إحدى الإلهة العذراء. وكانت أثينا ربه الحكمة. هيستيا كانت آلهة عذراء وكانت ترمز للانسجام العائلي والحب والسلام والتضامن. كان ديميتر إله الطبيعة والنبات ومن كبار الآلهة. أما هيرميس فكان مراسل الإله زيوس الخاص و عُرف كذلك بأنه رب التجارة.
ما كان يثير فيّ الحماسة هو الأساطير التي تتحدث عن مخلوقات غريبة كالتنين والإمفيسبينا ( هو ثعبان آكل للنمل وأحيانا يسمى بأم النمل) والمينتور ( مخلوق له جسد حصان ورأس وجذع إنسان) و السفنكس ( مخلوق نصفه أسد ونصفه أنثى وله أجنحة وذكر في أسطورة الملك اوديبس).
يوجد مخلوق أسطوري أثار فضولي بشكل كبير لأنه ذكر في اغلب الأساطير البشرية باستثناء الميثولوجيا الإغريقية وهو اليونيكورن. اليونيكورن كما ذكرته الأساطير هو حصان له قرن وحيد برأسه. يوجد اليونيكورن في الميثولوجيا الرومانية بشكله العادي كحصان يملك قرنا ولكن في الميثولوجيا الهندية فاليونيكورن يأخذ شكلا مختلفا قليلا إذ يرونه بحجم حصان بالغ وله شعر احمر ويملك ذيل دب وأرجل فيل وله قرن اسود معقوف بنهايته على شكل حلزوني . الشعب الايطالي فيرى اليونيكورن بأقدام لها حوافر الماعز وبلون ابيض أو اسود. من المثير أن يكون لليونيكورن وجود في الأساطير العربية حيث تزعم كتب الأساطير أن اليونيكورن يُعتقد انه كان موجودا في عدد من البلدان العربية كالسعودية وليبيا ومصر وانه كان شرسا ويصعب صيده.
يعتقد علماء الميثولوجيا بأن اليونيكورن كان يمتلك أعذب صوت في عالمنا وأن قرنه يعالج جميع الأمراض وله قدرة على السموم حتى. إن صيد اليونيكورن لا يتم إلا باستخدام فتاة عذراء عفيفة كما كتب ليوناردو دافنشي حيث عُرف عن اليونيكورن ميله للطف مع الفتيات العذراوات الضائعات في الغابة أو في مكان وجوده. وهذا تفسير ارتباط صورة اليونيكورن في عصرنا الحديث بالفتاة العذراء وكثيرا ما يظهر اليونيكورن واضعا رأسه ليستريح في حجرها.
اغلب الماديين بعالمنا يرون أن الأسطورة كذبة وتضليل ولا أساس لها في الواقع فإني أميل إلى الرأي الذي يرى الأسطورة جزء من الحقيقة وجزء من الدين أيضا _ مهما ادعينا صحة ديننا او مذهبنا فالخرافة لها طريق لكل شيء_ وجزء من الخيال البشري. الأسطورة حتى وإن كانت تتحدى كل المدارك الحسية الواقعية المادية فهي تستند برأيي المتواضع إلى حقيقة وواقع مادي كان موجودا وامتزج بالخيال المبدع. الأسطورة مهما كانت خيالية فهناك حتما درس وفكرة عبقرية ورائها وربما وجدنا خلالها حلاً ولو بسيطا لتناقضات أفكارنا.
